متقدما من مزج (طرائق الحرب الثوروية وطرائق الحرب النظامية). غير أن التحولات التي رافقت الحروب الصليبية في المشرق العربي-الإسلامي، وفي المغرب العربي الإسلامي قد فرضت تطورا حملت الجزائر المجاهدة راية (ريادته) وصدقت في هذا الدور الريادي، فشكلت بذلك ثروة ضخمة من التجارب القتالية التي لا بد من معرفتها لفهم (الأصالة الثوروية) في العالم الإسلامي بصورة عامة، وفي الغرب العربي - الإسلامي منه بصورة خاصة. لقد جابهت (الجزائر) ومعها أقطار العالم العربي-الإسلامي، تحديات صخمة، وتعرضت لأعمال عدوانية كثيرة، لم يكن أقلها إخراج المسلمين من الأندلس، ولم يكن أقلها احتلال المدن الساحلية للمغرب العربي الإسلامي، وهنا ظهر (الأخوان ذوي اللحى الشقراء) فكان في ظهورهم بداية قيادة التحول الحاسم. وحملت الجزائر أعباء رقع راية الجهاد في سبيل الله، فكان التحول التاريخي من الدفاع الإقليمي إلى الهجوم الإستراتيجي، وتعاظم تيار الجهد والجهاد، فجرف معه المتخاذلين، ولم تمضي فترة طويلة حتى أصبحت الجزائر المجاهدة قوة ضخمة فرضت سيادتها على (غرب البحر الأبيض المتوسط) وأحبطت كل أعمال العدوان ومحاولات المعتدين. وكان الفضل في ذلك للقدرة الذاتية التي عرف المسلمون فيها قوتهم وقدرتهم، وأمكن بهذه القدرة تحرير المغرب العربي-الإسلامي وتطهير ترابه.
لقد خاضت الجزائر المجاهدة حروب تحت (راية الجهاد في سبيل الله) وانطلق تيار الجهاد من (المسجد-الجامع) ومن (الزاوية) حيث طلبة العلم وشيوخ التعليم، وكان هذا التيار من القوة، ومن الشدة ما حمل الحكام على ركوب أمواجه، وتنظيم مساراته، وتوجيه