للجزائر، هي في فتوة مجتمعها الشاب. ففي عام 1954، لم تكن نسبة من يزيد عمرهم على الستين، بأكثر من خمسة بالمائة. وكان هذا المجتمع يضم نسبة خمسين بالمائة من الذين تنقص أعمارهم عن العشرين عاما. أما النسبة الباقية وهي خمسة وأربعون بالمائة فتشير إلى من تتراوح أعمارهم بين العشرين والستين. وكانت نسبة الزيادة الطبيعية للسكان عند الأوروبيين واحدا بالمائة في السنة - وهي ناجمة عن زيادة ثابتة نسبيا في معدل المواليد اتخذت هذا الشكل منذ عام 1939، وهبوط ثابت في معدل الوفيات. وبينها يميل تركيب السكان بين الأوربيين في الجزائر إلى الفتوة - إلى حد ما - فإن مسلمي الجزائر يعتبرون من أكثر الشعوب فتوة، وأكثرها تكاثرا في العالم. ففي عام 1954،كان معدل زيادة الجزائريين المسلمين في حدود اثنين ونصف بالمائة.
وقد اعتبر هذا التزايد السريع بعد الحرب العالمية الثانية، في طليعة العوامل الاقتصادية التي سببت أزمة حادة أدت إلى إفقار الفلاح الجزائري إلى حد أكبر مما كان عليه من الفقر في عام 1939. ووجد الفلاح الجزائري المسلم نفسه محصورا بين موارده المحدودة جدا، وكثرة عدد الأفواه التي يجب تأمين الطعام لها. وكان لا بد من أن يتجه القادرون من الشباب نحو باب الهجرة إلى فرنسا بحثا عن المأوى والطعام، وهكذا بلغ عدد الجزائريين المهاجرين إلى فرنسا سنة 1948 نحوا من مائة وستين ألفا. ثم ارتفع هذا الرقم إلى نحو أربعمائة ألف مع بداية الثورة. وقد استطاع هؤلاء المهاجرون الجزائريون - تأمين الطعام لحوالي مليونين من مواطنيهم، بإرسال أجور عملهم إلى أهلهم وذويهم، ولو كان ذلك على حساب حرمانهم