وحاول استثمارها إلى أبعد الحدود وبأقذر الوسائل (وتقدر نسبة البربر في تونس بالنسبة للعرب واحد بالمائة، وترتفع هذه النسبة في الجزائر إلى تسعة وعشرين بالمائة لتبلغ في المغرب خمسة وأربعين في المائة). وكانت التفرقة بين العرب والبربر الذين وحدهم الإسلام هي إحدى سياسات الاستعمار الإفرنسي الأساسية (فرق تسد). ويحتشد معظم البربر في الجزائر في منطقة القبائل، وهي من أكثر مناطق البلاد اكتظاظا بالسكان، ومن أرفعها في المستوى الثقافي، بسبب انتشار التعليم الإسلامي في الجوامع، ومن أوسعها في هجرة أبنائها إلى الأجزاء الأخرى من الجزائر، وإلى أوروبا. ولم يكن من الغريب تبعا لذلك، أن يمارس الشبان القبليون البارزون، دورا كبيرا في النشاط الديني والقومي في الجزائر دون أن يستبعدوا عن هذا النشاط زعماء المناطق الأخرى. ولهذا فإن ما يسمى (بأزمة البربر) لم تكن في الحقيقة إلا مغالطة في الوصف والتسمية، إذ أنه كان في جوهره صراعا في الآراء بين المثقفين الشبان الممتلئين حماسة وحيوية، والذين كان بعضهم بمحض الصدفة من القبليين، وبين الزعماء الكبار - التقليديين - في الحزب، والذين كان بعضهم بمحض الصدفة أيضا من العرب. وتتعرض جميع الأحزاب لمثل هذه (الصراعات بين الأجيال). ولم تكن حركة انتصار الحريات الديموقراطية لتشذ عن هذه القاعدة الخالدة. أما قضية (الأمين دباغين) فقد كانت إشارة مبكرة لصعوبة قدر لها أن تربك أوضاع الحزب بصورة حادة في السنوات التالية. فقد وقع خلاف شخصي بين (مصالي الحاج) وبين (الدكتور الأمين