وتبع ذلك محاولات للاتفاق بين القيادات المصرية والسلطات المحتلة، من أجل الحد من نفوذ الاستعمار البريطاني. غير أن بريطانيا كانت تحيط هذه المحاولات، المرة بعد المرة، عن طريق خلق التناقضات الداخلية وتظاهرات القوة.
وكما أخذت فرنسا بالتوسع - كبقعة الزيت - من الجزائر نحو الشرق ونحو الغرب ونحو الجنوب، (للقضاء على دولة رباح - حول بحيرة تشاد وحوض الكونغو). فقد انطلقت بريطانيا من مصر نحو السودان والصومال. ولما كانت ثورة المهدي تشكل العقبة الأولى في وجه كل توسع بريطاني (منذ أن أعلن المهدي ثورته في سنة 1881)؛ فقد أخذ (كتشنر) على عاتقه القضاء على ثورة أتباع المهدي. وهكذا تحرك كتشنر (القائد العام للجيش البريطاني - المصري) في خريف سنة 1896 ليقود ضد السودانيين معركة أم درمان الشهيرة، والتي قتل فيها الخليفة (عبد الله التعايشي)، كما قضي على الدولة المهدية. غير أن السودانيين استمروا في المقاومة، ولم يتمكن البريطانيون من توطيد نفوذهم قبل سنة 1928.
أما في الصومال، فقد تولى محمد بن عبد الله حسن - من قبيلة أوغادين - مقاومة الإيطاليين والبريطانيين منذ سنة 1899، وأمكن له توجيه ضربات موجعة لقوات الدولتين، واستمر في ذلك حتى سنة 1920، حيث قررت بريطانيا تصفية مقاومته بصورة نهائية. واستخدمت أسطولها الجوي لتدمير مواقع المسلمين كلها. وفي الوقت ذاته انطلقت القوات البريطانية لمطاردته، وأمكن لها في النهاية قتله يوم 23 تشرين الثاني سنة 1920.