(ليبيا)، وطلبت إلى رجال تركيا الفتاة الموافقة على السماح للقوات الإيطالية باحتلال طرابلس الغرب، وعدم التصدي لمقاومة قواتها، غير أن تركيا رفضت الطلب الإيطالي الغريب، فأعلنت هذه الحرب على تركيا يوم 29 أيلول - سبتمبر - 1911، فوطئت قواتها الأرض العربية - الإسلامية يوم (5) تشرين الأول - أكتوبر - ووقع عبء الدفاع على عاتق أنور باشا ومصطفى كمال، الذي كسب هنا أول إكليل من أكاليل مجده العسكري.
وعلى الرغم من دعم جماهير العرب المسلمين للقوات التركية، ومشاركتهم لها بحماسة في رفع راية الجهاد. إلا أن القوات الإيطالية حققت نجاحا انتهى بعقد معاهدة (أوشي) سنة 1912. وتخلت تركيا لإطاليا عن طرابلس وبنغازي. ولم يحتفظ الخليفة إلا بحق تعيين الموظفين الدينيين في تلك البلاد.
ليس المجال هنا التعرض للاستعمار الإيطالي وطرائقه الوحشية في قهر الشعب العربي المسلم في ليبيا، فلذلك مجاله الخاص، وبحثه المستقل، غير أن ما يهم البحث هنا هو الإشارة إلى نقطتين أساسيتين ترتبطان بالاستعمار الإفرنسي للمغرب الإسلامي: أولاهما أن استعمار فرنسا للجزائر هو الذي فتح المجال أمام تطور الهجمة الاستعمارية الصليبية ضد العالم الإسلامي، وثانيهما: أن إيطاليا بما عرف عنها من تخاذل وضعف وخور في الحروب قد استأسدت في إبادة الشعب العربي - الإسلامي في طرابلس، محاولة التأكيد لمنافسيها الأوروبيين أنها ليست أقل منهم حماسة للحرب الصليبية ضد المسلمين.