8 - عاد معاذ من المدرسة على غير عادته مكفهر (?) الوجه، مقطب الجبين، وقد فارقته بشاشته وابتسامته المعهودة التي كانت تلازمه حين كان يدخل المنزل، فهو اليوم منقبض الصدر، بادي الحزن، يمشي نحو حجرته بخطى مثقلة، لا يسأل والدته عما أعدته. من غداء كما هي عادته كل يوم عند عودته من المدرسة، حيث كان يسارع أول ما يسارع باتجاه المطبخ قبل أن يبدل ثيابه يتلذذ برائحة الطعام، ويدفعه الجوع إلى السؤال عن الأطباق التي أعدت للغداء.
رأت والدة معاذ كل هذا منه فأنكرته في نفسها، ولكنها لم تشأ أن تزيد ابنها ضيقا على ضيق بسؤاله عما به وتركته يمضي إلى حال سبيله، وعزمت على ألا تسأله عن سر تغيره حتى ينهي غداءه.
عاد والد معاذ من العمل واجتمع أفراد الأسرة على مائدة الغداء، فلاحظ الأب على ابنه ما لاحظته والدته من قبل ولكنه لم يفعل كما فعلت بترك سؤاله بل سأل ابنه بحنان أبوي وشفقة ظاهرة قائلا:
ما بك يا بني؟ أنت اليوم على غير عادتك من المرح والبشر.