الفائدة الرابعة عشرة: أن المستشار مؤتمَن، وأن الإنسان إذا طُلب منه نصيحة فلا بد أن يأتي بها لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال في حقوق الإخوة: (وإذا استنصحك فانصح له) فهذا أمر يدل على الوجوب، أي: لا بد أن تبذل له الوسع في نصحه، وتجتهد، ولا تختر له اعتباطياً وعشوائياً، وإنما يجب أن تفكر وتجتهد وتبذل الوسع في الدلالة على الخير، لتخبره: هل هذا أفضل له أم ذاك؟ وهذه مسألة تحتاج إلى تحرٍ ونظر وتفكير، وليس شيئاً عشوائياً، ما دام أنه استشارك لا بد أن تبذل له الرأي مجاناً (وإذا استنصحك فانصح له) هذا يدل على وجوب إعطاء النصيحة للأخ المسلم من قبل أخيه المسلم وجوباً شرعياً.
وما هي الأشياء التي تجعل المستشار يؤدي النصيحة بشكل سليم؟ أولاً: أن يعرف ظرف المستشير وما حوله وحاله وإمكاناته.
ثانياً: أن يفكر وينظر في المسألة.
ثالثاً: أن يستشعر بأن القضية أمانة.
رابعاً: لا تكون الإشارة هذه صحيحة إلا إذا كان لم يكتم شيئاً من المصلحة، لا أن يقول: هذا أعطاني فكرة، أنا الآن أدله على أي شيء وأسبقه إليه، كما يفعل بعض الناس، يقول: أنا أوصله إلى أي شيء استثماري، قد لا يكون مفيداً أو فائدته بسيطة، وأنا أسبقه إليها، وبعض الناس من خيانتهم في الإشارة إذا جاء واحدٌ وقال له: أنا عندي صفقة مع فلان كذا ومع فلان كذا، فيقول له: لا، خذ هذه، ويدله على الأقل، ثم يذهب هو ويأخذ تلك ويسبقه إليها هذه من الخيانة.
إذاً: من خيانة المستشار أن يكتم المصلحة، ومن خيانة المستشار ألا يُعْمِل الجهد في الرأي، بل يعطي رأياً اعتباطياً عشوائياً.
فالمستشار مؤتمَن، أي: أنه يجب عليه أن يتوخَّى الأمانة في إخبار المستشير.