فالاستهزاء بالدين من صفات المنافقين.
وفي غزوة تبوك استهزأ بعض الناس بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والرواية قد رواها ابن جرير رحمه الله وغيره، وهو حديث حسن.
عن عبد الله بن عمر قال: (قال رجل في غزوة تبوك في المجلس قال: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً، ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل في المجلس: كذبت؛ ولكنك منافق، ولأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن، قال عبد الله بن عمر: وأنا رأيته متعلقاً بِحِقْب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تَنْكُبُه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله: {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} [التوبة:65] ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65 - 66]) وفي رواية: (فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته فقال: يا رسول الله! {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} [التوبة:65] ونتحدث حديث الركب نقطع به عناء الطريق، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65 - 66]).
وذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن الكفر الذي كفروا به كفر حقيقي، وليس مجرد كفر باللسان، بل هو كفر قلبي، ولذلك ما أظهروه إلا لبعض خواصهم، قال: (ما رأينا مثل قرائنا) ونُقل الحديث إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا دال على الكفر ولا شك.
فبيَّنت هذه الرواية أن الاستهزاء بآيات الله كفر، وأن المستهزئ كافر، فلو أن شخصاً استهزأ بشيء من الدين، أو بآية من القرآن مثلاً، ثم قال لك: يا أخي! والله أنا قصدي المزاح فقط، نقول: لا، الاستهزاء بالقرآن كفر، قلتَ مازحاً أو ما قلتَ مازحاً أنت كافر، هذه هي المسألة واضحة.