وقوله تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [النور:44] يأخذ من طول هذا فيزيد في هذا، ويأخذ من طول هذا فيزيد في ذاك، {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [النور:44] ، ويقلب الله سبحانه وتعالى أيضاً الأحوال في الليل والنهار، وقد أقسم الله سبحانه وتعالى بالعصر، وما المراد بالعصر؟ للعلماء في تأويل العصر تسعة أقوال: الأول: أن المراد بالعصر: الدهر كله، أي: الزمن الذي تقع فيه حركات بني آدم.
الثاني: أن المراد بالعصر: جزء من الزمن، فمنهم من قال: هو زمن محمد صلى الله عليه وسلم، ومنهم من قال: هو عمر الإنسان، ومنهم من قال: هو العشي، ومنهم من قال: من وقت الزوال إلى العشي، وفريق قال: إنه وقت صلاة العصر، وفريق قال: هو صلاة العصر نفسها، إلى آخر الأقوال.
الشاهد: لماذا أقسم الله بالعصر؟ قال كثير من أهل العلم: أقسم الله بالعصر؛ لأن الأحوال تتقلب فيه، هذا اليوم يكون المرءُ غنياً آمناً معافىً في بدنه، وهو بالغد القريب فقيراً فقراً مدقعاً، خائفاً خوفاً شديداً، مبتلىً في جسده، وعكس ذلك كذلك، فالله يقلب الأيام، ويقلب الأحوال سبحانه وتعالى، {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُوْلِي الأَبْصَارِ} [النور:44] ، وليس المراد بالأبصار هنا: العيون، إنما المراد بها: البصيرة التي يبصر بها الشخص، التي هي قلبه وعقله الذي يعقل به.