يقول الله سبحانه: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور:32] .
قال الله تعالى: {وَأَنكِحُوا} [النور:32] أي: زوجوا.
والمراد بالنكاح في أغلب آيات الكتاب العزيز عقد التزويج، وفي هذا عموم آيات الكتاب العزيز، إلا في مواطن ثلاثة: الموطن الأول: هو قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء:6] فالمراد بالنكاح الحلم.
الموطن الثاني: قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة:230] فالمراد بالنكاح على ما بينته السنة: الوطء الذي هو الجماع.
الموطن الثالث: وفيه نزاع، وهو قوله تعالى: {الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} [النور:3] المراد به الجماع، أي: لا يطاوعه إلى زناه وإلى الجماع معه إلا زانية أو مشركة، أما ما سوى هذه الآيات فالمراد بالنكاح عقد التزويج.
قوله تعالى: {وَأَنكِحُوا} [النور:32] أي: زوجوا.
فالخطاب للأولياء، وبه استدل كثير من أهل العلم على وجوب الولاية في النكاح، وهناك ما هو أصرح منه سواء من الآيات أو من الأحاديث، أما من الآيات: {وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة:221] أي: لا تزوجوا أيها الأولياء المشركين حتى يؤمنوا، فاستدل بها أبو جعفر الباقر على إثبات الولاية في النكاح، أما سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ففيها (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل) وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا نكاح إلا بولي) فهذه النصوص بنى عليها جمهور العلماء وجوب الولاية في النكاح على الثيب وعلى البكر، وأما أبو حنيفة فخالف بعض المخالفة في ذلك.
فعلى ذلك ما يطلق عليه اليوم بالزواج العرفي وهو: أن البنت تأتي إلى شاب في حضرة زميلين لهما كما يحدث في بعض الجامعات وتزوجه نفسه بحضرة شهود بدون ولي، فهذا النكاح باطل! باطل! قال تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى} [النور:32] والأيم: هو من لا زوج له من الرجال أو من النساء، أما من النساء ففي الحديث: (لما تأيمت حفصة بنت عمر من زوجها عبد الله بن خنيس) ، فالشاهد: قوله: (لما تأيمت) أي: مات عنها زوجها وأصبحت بلا زوج، فالأيم من لا زوج له من الرجال أو النساء.