وثم نعمة أخرى أيضاً في قوله: ((إذ أخرجني من السجن)) ، فهي نعمة كبرى، فقد كان ثَم أوباش بالسجن ومجرمون ولصوص، ومجالس المجرمين واللصوص والأوباش تقسي القلب في كثير من الأحيان، فإحسان من الله أن يخرجه من السجن، فلا ينبغي أن نتمنى الفتن، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلي فصبر) ، أي: فهنيئاً لهذا المبتلى الذي يصبر.
{وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} [يوسف:100] ، فإحسان من الله إلى يوسف أن يأتي إليه بآبائه من البدو، فسكنى البادية لا تستحب إلا عند الضرورات والملجئات، وقد حسن بعض العلماء حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن) ، وأحسن من ذلك الآية الكريمة: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا} [التوبة:97] ، فسكنى البادية في الغالب فيها شر أو قسوة للقلوب شيئاً ما، ولذلك نهى النبي عليه الصلاة والسلام أن يرتد المهاجر أعرابياً.