يقول الله سبحانه وتعالى في هذه السورة الكريمة: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} [يوسف:1] .
أما (الر) : فهي أحرف مقطعة بدأت بها بعض سور الكتاب العزيز، وللعلماء فيها طريقان في التأويل: الطريق الأول: نعرض عن تأويلها ونكل الأمر في تأويلها إلى الله سبحانه وتعالى؛ إذ لم يرد شيء في كتاب الله صريح يفسرها لنا، وكذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء صريح يفسر لنا الأحرف المقطعة.
الطريق الثاني: ذهب فريق آخر من أهل العلم إلى أنه ينبغي أن نلتمس لها تأويلات، ونحن مأجورون على كل حال، إن التسمنا تأويلاً فأصبنا فيه فلنا أجران، وإن أخطأنا فيه فلنا أجر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر) .
ثم هؤلاء الذين التمسوا تأويلات في هذه الأحرف المقطعة منهم من قال: إنها أحرف سيقت على سبيل التحدي، فكأن المعنى: (الر) أحرف تعرفونها وتقرءونها وتكتبونها، ولكنكم لا تستطيعون أن تؤلفوا منها قرآناً كما ألفناه، ولا حتى آية كما ألفنا، ودل على ذلك قول الله تبارك وتعالى: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة:1-2] ، وقوله تعالى: {الم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ} [السجدة:1-2] ، وهنا يقول سبحانه وتعالى: (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ) ، هذا هو الوجه الأول من أوجه التأويل: أن الأحرف سيقت للتحدي.
والوجه الثاني: أنها أحرف حملت اسم الله الأعظم، وليس ثَم دليل على هذا القول الثاني.