قال تعالى: {لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ} [النساء:172] : الاستنكاف يأتي بمعنى الاستكبار أحياناً، فقوله: (لن يستنكف) أي: لن يمتنع ولن يستكبر، {الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} [النساء:172] أي: سيجمعهم إليه جميعاً.
وهذه الآية ختامها خبر يقتضي التهديد: {وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ} [النساء:172] فكان الجزاء: {فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} [النساء:172] وهذا متضمن تهديداً لهم في ثنايا الحشر، {فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} [النساء:172] .
ثم قال: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء:173] : توفية الأجور بأن يجزي الحسنة بمثلها، والزيادة من فضله التضعيف، فتضاعف الحسنة بعشر أمثالها، فيوفيهم أجورهم على الأعمال ويزيدهم تضعيفاً للحسنات.
ومن العلماء قال: يوفيهم أجورهم كما وعدهم أنه الحسنة بعشر أمثالها، ثم يضاعف لمن يشاء سبحانه وتعالى، {وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء:173] .
قال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} [النساء:173] ، والفقرة تبين العقوبة المذكورة وإن تأخرت بعض الشيء.
ومعنى (أليماً) : مؤلماً موجعاً {وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} [النساء:173] .