ثم جاء التحذير مرة ثانية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء:144] أي: يا من شهدتم أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله: {لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء:144] .
فيا عبد الله! لا تتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، فإنك إن فعلت جعلت لله منفذاً يدخل عليك منه لتعذيبك، وجعلت هناك تسلطاً يُتسلط به عليك لمخالفتك أمر الله عز وجل.
وهذا واضح، قال الله سبحانه: (أَتُرِيدُونَ) أي: بمصادقتكم وموالاتكم للكفار (أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا) يعني: طريقاً لتعذيبكم؛ لأنك إذا كنت مستقيماً على شرع الله وعلى أمره فلن يعذبك الله! فإذا كنت مطيعاً لله فلماذا تعذب؟! الله يقول: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء:147] أي: ماذا يستفيد الله من تعذيبكم؟ لكن إذا بدأت في المعصية فالمعصية سبب لنزول العذاب عليك.
فالآية فيها أنكم إن اتخذتم الكافرين أولياء من دون المؤمنين جعلتم لله عليكم سلطاناً مبيناً.
وإن أردت أن تفسرها أو تنزلها كما تنزل أمور الدنيا فإنك تقول: جعلت لشخص حجة عليك كي يعذبك، فمثلاً: إذا قال لك شخص: لا تفعل كذا، فإن فعلته فستضرب.
فأنت لم تفعل لم يكن له سلطان عليك لماذا يضربك؟ لكن إن فعلت جعلت له عليك سبباً بسببه يتسلط عليك، ورب العزة له المثل الأعلى.
وتكررت الآية علّ معتبراً يعتبر أو متعظاً يتعظ! {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء:144] .