توجيه القول بأن علة القصر هي الخوف

قال تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ} [النساء:101] هذا التقييد يفيد أن القصر للخوف، لكن هذا بينه عمر رضي الله عنه في مسألته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد جاء (سائل يسأل أمير المؤمنين عمر يقول: لماذا القصر وقد أمن الناس، والله يقول: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء:101] ؟ فقال أمير المؤمنين عمر: عجبت مما عجبت منه، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته) .

إذاً: التقييد في قوله: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء:101] على رأي بعض العلماء يخرج مخرج الغالب، فسواء خفت أن يفتنك الذين كفروا، أو لم تخف من فتنة الكفار فلك أن تقصر الصلاة مادمت مسافراً.

وخروج مخرج الغالب تقدمت له نماذج متعددة من كتاب الله: كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران:130] فـ (أضعافاً مضاعفة) خرجت مخرج الغالب، ولا يفهم من الآية أنه يجوز الأكل من قليل الربا أو أقل من الضعفين.

كذلك قوله تعالى في خروج مخرج الغالب: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور:33] أي: على الزنا {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور:33] أي: إذا أردن تعففاً، فقوله: (أردن تحصناً) خرجت مخرج الغالب، وليس معنى الآية: إذا أرادت البنت أو الأمة فجوراً أنه يجوز لك أن تكرهها على الزنا.

فكذا قوله: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء:101] عند بعض العلماء خرج مخرج الغالب، سواء خفت فتنة الذين كفروا أو لم تخف فتنة الذين كفروا فلك أن تقصر الصلاة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015