تفسير قوله تعالى: (ومن يطع الله والرسول.)

وقوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا} [النساء:69] هذه المعية هل تقتضي التساوي في الأجر؟ لا تقتضي التساوي في الأجر، فإنه وإن كان معهم قد يكونون في درجة أعلى من درجته، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن الأذان: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله أرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة يوم القيامة) .

فالشاهد: أن النبي عليه الصلاة والسلام ينال منزلة الوسيلة وهي لا تنبغي لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدل ذلك على أن المعية في قوله تعالى: {فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} لا تقتضي المماثلة في الأجر، إنما يكون معهم في مجالسهم يزورهم ويزورنه، يراهم ويرونه، يستضيفهم ويستضيفونه، إلى غير ذلك، لكن إذا أوى كل شخص منهم إلى رحله كانت درجته أرفع وأعلى ممن هو دونه في العمل، وقد رضي كل واحد منهم بالقسمة التي رزقه الله تبارك وتعالى إياها، وهذا كما نكون نحن في المسجد كلنا معاً، يقال: هذا كان معي أمس، وهذا معي اليوم، لكن إذا آوى أو ذهب كل منا إلى رحله، كانت لهذا منزلة وله سعادة في بيته، ولهذا منزلة دونها وله مشاكل وشقاوات في بيته، وإن كانت الجنة منزهة عن تلك الشقاوات، فهذا معنى المعية، والله تبارك وتعالى أعلم.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى أيضاً: (إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في السماء) وكلهم في الجنة، ومع ذلك بينهم التفاضل هذا الوارد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015