مسألة الظفر

Q مسألة الظفر ما هي؟ وهل تجوز أو لا تجوز؟

صلى الله عليه وسلم مسألة الظفر يوردها العلماء عند تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:58] ، وهي أن يكون هناك رجل مختلسٌ لأموالك، وتمكنت أنت من شيءٍ من ذلك، إما على سبيل أمانة أودعك إياها، أو احتلت حيلة حتى أخذت جزءاً من ماله أو من متاعه، وبعد ذلك أخذت حقك من هذا المال، فهل هذا جائز أو غير جائز؟ مثلاً: رجلٌ أخذ منك ألف جنيه، وهو مماطل فوجدت له سيارة محملة بضاعة، جئت إلى السيارة وأخذت السيارة بما فيها وانصرفت، فكل هذا يدور حول مسألة الظفر، لكن كمثال لها: رجل استأمنك على مال وقال: خذ هذا المال أمانة عندك لي، ثم بعد ذلك أكل عليك مالاً أو فعل معك مظلمة، هل يجوز لك أن تقتص من هذا المال بقدر المظلمة؟ هذه المسألة تسمى مسألة الظفر، أجازها فريق من العلماء لعمومات؛ من هذه العمومات قول الله تبارك وتعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ} [الحج:60] ، ولقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى:40] .

وقصة هند مع أبي سفيان، حيث جاءت هند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت -وهي زوجة أبي سفيان -: (إن أبا سفيان رجلٌ شحيح يا رسول الله! فهل علي جناح أن آخذ من ماله بغير إذنه، وهو لا يعلم، قال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) ، زوجها شحيح بخيل لا يعطيها ما يعطي الرجال النساء ممن هم في مثلها، فهل علي جناح أن آخذ من ماله -لأنه ثري في الأصل- بغير إذنه؟ قال: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) ، فهذه أدلة القائلين بجواز هذه المسألة.

ومنع فريقٌ محتجين بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:58] ، وبأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال -والإسناد فيه نظر-: (أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك) ، لكن في هذا الحديث نظر، والراجح عندي أنه ضعيف، واستدلوا أيضاً على المنع بالنهي عن الغدر، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ينصب لكل غادرٍ لواء عند استه يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان بن فلان) ، فهذه حجج المانعين، والورع يقتضي الامتناع، والحكم يقتضي الجواز، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015