في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى أسماء بنت عميس بعد مقتل جعفر بثلاث ليال، فرأى عبد الله بن جعفر وإخوته فقال لها: (ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة، قالت: تسرع لهم العين يا رسول الله! قال: استرقي لهم) .
قال بعض العلماء: إن العين تؤثر في الطفل فترى الطفل يأكل ويشرب وليس به مرض، وتراه نحيفاً شديد النحافة، فتكشف عليه عند الأطباء ولا ترى به داء، ولكن العين أثرت فيه كما أشار إليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
بل قد تؤثر العين في الوجه وتصيبه إصابات حسية، ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة -كما في صحيح البخاري - ورأى جارية لـ أم سلمة في وجهها سفعة، أي تغير وسواد، فسأل عن ذلك، فقالوا: أصابتها النظرة يا رسول الله!، قال: (فاسترقوا لها) .
فدلت هذه النصوص أن الحسد واقع، وأن العين واقعة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا) أي: إذا طلب منكم أن تغتسلوا لشخص ظن أنكم حسدتموه؛ فلا تترددوا، بل اغتسلوا، وخففوا عن صاحبكم، وخففوا عن إخوانكم، هذا معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالآية فيها الاستعاذة بالله من شر الحاسد إذا حسد، وقد قسم العلماء الحسد إلى أقسام، ورتبوه مراتب: أعلى هذه المراتب أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك، سواء حصلت لك هذه النعمة أم لم تحصل لك هذه النعمة.
الثاني: أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك وتحولها لك.
الثالث: أن تتمنى لك ما لأخيك، إلى آخر الأقسام التي ذكروها، وأباحوا منها قسماً واحداً، وهو: الغبطة، وهو ما ذكر في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها) .