{إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} [العاديات:6-7] ، الضمير في قوله: (وَإِنَّهُ) يرجع إلى من؟ من العلماء من قال: (وَإِنَّهُ) راجع إلى الرب، أي: إن الرب شهيد على كفر الإنسان وعلى جحوده، {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} [العاديات:7] ، أي: وإن ربه على كفر عبده وجحوده لشاهد.
ومنهم من قال: إنه قوله: (وَإِنَّهُ) ، راجع إلى الإنسان، أي: والإنسان شاهد على نفسه، بأنه جحود لنعم الله سبحانه وتعالى، تشهد عليه في الآخرة جوارحه، وضميره يشهد عليه كذلك أنه جحود، {إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات:6] ، أي: كفور جحود، هذا على الغالب، لكن لا يمنع أن من الناس من هو مؤمن، فقد يتجه إلى الآية قولان: أحدهما: أن المراد بالإنسان الإنسان الكافر، لكن إن قيل: ومن أين هذا التقييد بالكافر؟ فالإجابة: أن الشرع يستعمل اللفظ على أغلب ما وضع له، قال تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14] ، والآية الأخرى: {وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [التوبة:99] ، فأطلق على الأكثر، أي: فالمراد الأكثر والأغلب.
أو يقال: إن عموم الناس لا يستطيعون أن يؤدوا شكر نعم الله سبحانه وتعالى، فمع صلاة الإنسان وصومه فذلك لا يوازي نعم الله عليه، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لن يدخل أحدكم عمله الجنة، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا) فالوجهان واردان.