يقسم الله سبحانه وتعالى بالضحى وبالليل إذا سجى، فهي أشياء متقابلة، فمن العلماء من قال: إن القرآن الكريم أطلق على آياته مثاني: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} [الزمر:23] ؛ لأنه يذكر فيه الشيء ويذكر مقابله، فالله يقسم بالضحى بما حواه من نهار وضياء ورؤية ووضوح، وبمقابله: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضحى:2] ونحو ذلك: ذكر جزاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم يتبع بذكر جزاء الكافرين، وأيضاً: المتقابلات من أنواع العذاب والمتضادات كقوله: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ} [ص:57] وهو الذي بلغ أعلى درجات الحرارة، وقوله: (وَغَسَّاقٌ) وهو الذي نزل إلى أقل درجات البرودة، {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} [ص:58] .
فيقسم الله بـ {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضحى:1-2] ، كما أقسم بـ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا} [الشمس:1-4] ، فيقسم بقدرته على تصريف الآيات للعباد، فهو القادر على ذلك، ولن يستطيع ذلك أحد من خلقه، فهو الذي يأتي بالليل ويتبعه بالنهار، وهو الذي يأتي بالضحى ويأتي بالليل، ويحرك الشمس والقمر، سبحانه وتعالى هو الذي يسير الأمور وهو يدبرها.
ومعنى (سجى) : غطى، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في قصة موسى مع الخضر: (فرجع موسى فوجد رجلاً مسجى بثوب أخضر) ، أي: مغطى بثوب أخضر.
فالليل إذا سجى، أي: أقبل وغطى على الأشياء بظلامه.