قال الله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء:56] ، هذا خبر يراد منه التهديد، والآية ردٌ قوي على القائلين بفناء النار، فرب العزة جل جلاله يقول: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء:56] ، كما يرد قولهم قوله تعالى: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر:48] ، وقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} [السجدة:20] ، وجاء أنه يوقف الموت على قنطرة بين الجنة والنار في صورة كبش أملح، ثم ينادى: يا أهل النار! هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم.
هذا الموت، وينادى: يا أهل الجنة! هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم.
هذا الموت، وكلهم ينظر إليه، فيذبح الموت على قنطرة بين الجنة والنار، ويقال: يا أهل الجنة! خلودٌ فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، وتلا النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [مريم:39] .
فكل هذه الأدلة ترد على القائلين بفناء النار، وهناك ما يقرب من عشرين أو ثلاثين دليلاً على إبطال هذا القول.
وقوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا)) [النساء:56] العزيز: هو عظيم الجناب منيع السلطان، الذي لا يمانع ولا يخالف.
و (حكيماً) أي: في تصرفه سبحانه وتعالى، وتفسير الحكمة في حق البشر: أنها هي التي تمنع صاحبها عن كل ما يشينه ويسيء إليه، وقد يكون هذا المعنى لغوياً، وقد يكون شرعياً.