قال الله تعالى: (يَقُولُ) هذا الإنسان {أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا} [البلد:6] أي: أنفقت مالاً كثيراً، فاللبد: الكثير المجتمع، وقريب منه قوله تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجن:19] تكالبوا عليه واجتمعوا حوله {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا} أي: أنفقت مالاً كثيراً، ومن القائل أهلكت مالاً لبداً؟ من العلماء من قال: إن القائل: {أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا} هو الكافر، يقول الكافر من الكفار: إنني أهلكت مالاً كثيراً في عداوة محمد عليه الصلاة والسلام، كما ذكر في بعض التفاسير أن امرأة أبي لهب كان لها قلادة من ذهب، فباعتها كي تنفق ثمنها في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم، هذا قول وراد في التفاسير، فالكافر يقول: أنا أنفقت مالاً كثيراً في عداوة الإسلام وأهله، وعداوة محمد، والمنافق يقول للمسلمين: إنني أنفقت مالاً كثيراً في الخير، مرائياً بهذا المال ومسمعاً، فهذه بعض الوجوه في تفسيرها.
(يَقُولُ) الإنسان بعمومه إما الكافر وإما المرائي، وقد يقولها المؤمن ليس على سبيل الرياء.
{أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [البلد:7] هذا الكافر يزعم أنه أنفق أموالاً طائلة ويتباهى بذلك أمام الكفار، أيظن أن أمره قد خفي علينا، وأننا لا نراه؟! فكذلك المنافق الذي أنفق الأموال مرائياً ومسمعاً، أيحسب أننا لن نراه؟!