قال تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق:9] .
قوله تعالى: (يوم تبلى السرائر) بعد قوله: (إنه على رجعه لقادر) جعل بعض العلماء يختار أن المراد بقوله: (إنه على رجعه لقادر) أي: على إرجاع الإنسان حياً بعد موته، قالوا: بدلالة قوله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} ، فإن الإعادة يوم القيامة، وآخرون قالوا: لا.
نحن سننظر إلى قوله: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} على أنه جملة ابتدائية، فالمعنى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ} [الطارق:9-10] ، فيكون أنشأ معنىً جديداً متماسكاً فضلاً عن المعنى الذي سلف، ولا يلزم أن يكون بين كل الآيات ربط، فمن نظر إلى قوله تعالى: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} على أن الفقرات انتهت وبدأت بفقرات جديدة، حمل الآيات على المحامل التي تقدمت، ومن ربط بين: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} و {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} ، قال: قادر على إحيائه يوم تبلى السرائر.
(يوم تبلى) أي: تختبر وتظهر، (السرائر) : الأمور التي كان الشخص يسرها في الدنيا، فالأمور التي كان الشخص يسرها ويكتمها عن الناس في الدنيا تظهر، كما قال تعالى: {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات:10] ، {هُنَالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يونس:30] ، والآيات في هذا الباب كثيرة.
والابتلاء: يكون بمعنى الإظهار، وقد يكون بالخير وقد يكون بالشر، والابتلاء أيضاً يطلق على الفتنة والتعذيب الذي يظهر ما في دواخل الإنسان، كما في قول موسى عليه الصلاة والسلام: (إني بلوت بني إسرائيل بأقل من هذا فلم يصبروا) ، أو كما ورد في الحديث.
{فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ} [الطارق:10] أي: ما له من قوة يتقوى بها ولا ناصر ينصره.