قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} [الانشقاق:7] * {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق:8] في الآية فضل اليد اليمنى في الآخرة وتلقي الكتب بها، وأما فضلها في الدنيا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يعطي أحدكم إلا بيمينه ولا يأخذ إلا بيمينه) ، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يمسّن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه) ، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يأكلن أحدكم بشماله ولا يشربن بها فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها) ، فاليد اليمنى مفضلة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الأيمنون الأيمنون) فكل ما هو على اليمين له فضل، وقد شرب النبي صلى الله عليه وسلم ماءً ثم ناول فضله من عن يمينه، وكان يحب التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله.
قال الله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} [الانشقاق:7] المراد بالكتاب الكتاب الذي أثبتت فيه أعمال العبد.
{فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق:8] قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من نوقش الحساب عذب) أو (من حوسب عذب) ، وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (يا رسول الله! أوليس يقول الله سبحانه وتعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق:8] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاك العرض) أي: المراد بالحساب اليسير في هذه الآية العرض، وأما المراد بالعرض في هذا الحديث فمن العلماء من قال: عرض أعمال العبد على العبد نفسه، ومنهم من قال: عرض العبد على الله، والصواب من القول هو ما أيده حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المراد بالعرض عرض أعمال العبد بين يديه أمام ربه سبحانه وتعالى، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الله عز وجل يدني المؤمن يوم القيامة ويضع عليه كنفه ويستره عن الناس ويقرره بذنوبه، عملت يوم كذا وكذا، وعملت كذا وكذا يوم كذا وكذا، فيقول: نعم يا رب! نعم يا رب! حتى يظن العبد أنه هلك، فيقول الله سبحانه وتعالى: أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) ومن العلماء من جنح إلى تفسير العرض بالعرض على النار والمرور عليها والورود والله سبحانه أعلم.
إذاً: المراد بالحساب اليسير هنا على ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم: عرض أعمال العبد عليه بين يدي ربه سبحانه وتعالى.