قال تعالى: {لِيَوْمِ الْفَصْلِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ} [المرسلات:13-14] .
الاستفهام للتعظيم والتهويل لما سيحدث في ذلك اليوم من أهوال، ولو أيقن شخص بهذه الأوصاف التي ذكرها الله في كتابه في شأن يوم الفصل وما يحدث فيه، ولو تخيلها وتدبرها وأمعن النظر فيها مع اليقين، والله ما طابت له لقمة العيش على الإطلاق، ولا ابتسم على الإطلاق، لو تخيلها شخص وتدبرها وأمعن النظر فيها ما طابت له حياة، ولقال كما روي عن عمر لما تلا قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان:1] قال: يا ليتها تمت.
يا ليت هذا المدة المذكورة التي لم نكن فيها شيئاً نذكر تمت ولم نخلق أصلاً.
وكذلك قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عند موتها: يا ليتني مت قبل هذا فكنت نسياً منسياً.
مع أن آيات الرجاء كثيرة لكن على المسلم أن يذكر هذا اليوم وما فيه من الشدائد.
قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ} [المرسلات:14] ما الذي أخبرك وما الذي أعلمك بيوم الفصل هذا؟ وكيف تكون الأحوال فيه؟ إنه لو شب حريق في منزل مجاور فإنك تجري وتبتعد غاية الابتعاد، وما حصل في منى هذا العام عندما شب الحريق في الخيام، فاشتعلت وصار الكل يجري ويفر غاية الفرار، والناس يتجهون إلى حرم الله حتى ازدحموا وسقط بعضهم ومات فراراً من النار، لكن في عرصات يوم الدين أين المفر، النار من الأمام، إذا فررت إلى اليمين أو اليسار فالنار من اليمين ومن اليسار، وإذا فررت إلى الأسفل أو إلى الأعلى فالنار من الأسفل ومن الأعلى، كواكب تتساقط على الأرض، سماء تكون كالمهل جبال تكون كالعهن، أرض لا تختفي فيها كما سيأتي.