قال الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء:38] أي: طلباً لإظهار معروفهم أمام الناس.
ما حكم إظهار المعروف الذي يصنعه الشخص أمام الناس؟ قد يكون ذلك الإظهار أحياناً رياءً محرماً، وقد يكون أحياناً سنة مستحبة، وقد يكون الإخفاء أحياناً أعظم أجراً وثواباً، وكل ذلك مترتب على النية والملابسات المحيطة بالصدقة، فإذا كنت تتصدق وتظهر صدقتك طلباً لنيل الثناء والحمد من الناس فهذا حرام، وإذا كنت تريد بإظهار صدقتك تشجيع الناس على الصدقة فهذا حسن، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما حث أصحابه على الصدقة وقام رجل وتصدق وتبعه الناس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) ، وإذا لم يكن ثم هذا ولا ذاك، فالإخفاء أفضل، قال تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة:271] .
قال الله سبحانه وتعالى في هذه الآية: {وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا) [النساء:38] صديقاً ومحاسباً، (فَسَاءَ قَرِينًا} [النساء:38] فبئس القرين، كما قال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف:38] .
{وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء:39] أي: ما يضرهم إذا آمنوا بالله واليوم الآخر، {وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا} [النساء:39] .
{إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء:40] فهذه الآية خبر يقتضي الحث على فعل الخير، فالله يخبر أنه لا يظلم مثقال ذرة، والمراد من هذا الخبر: التشجيع على فعل الخير، فإذا كان الله لا يظلم مثقال ذرة فبادروا بالصدقات وفعل المعروف.
{وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:40] .