الوصية الأولى: عبادة الله وحده لا شريك له

قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء:36] ، وفي سورة الأنعام قال الله: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [الأنعام:151] ، هذه هي الوصايا العشر لا وصايا الإمام حسن البنا رحمه الله، فـ حسن البنا وصاياه ليست شرعاً يتدين به، فهو يصيب ويخطئ، ويجهل ويعلم رحمه الله تعالى.

وحسبنا كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإن كانت ثمّ وصايا لبعض البشر فلتكن وصايا أصحاب رسول الله قبل وصايا الإمام حسن البنا، ولتكن وصايا التابعين وهم خير القرون بعد الصحابة خير من وصايا حسن البنا رحمه الله، ولتكن وصايا الأئمة كـ الشافعي ومالك وأحمد وأبي حنيفة رحمهم الله قبل وصايا الإمام حسن البنا رحمه الله تعالى، وليس في هذا انتقاص له ولكنه تنزيل للأمور منازلها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي أقوام يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويظهر فيهم السمن) أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، خاصة وأن هذه الوصايا التي ذكرت عن الإمام حسن البنا رحمه الله ليست وصايا في مسائل نازلة، إنما هي مسائل قديمة، مثلاً: من الوصايا في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً) ، لكن هل هذه الوصية تعد من أصول الدين أم أن هناك أشياء أخرى أولى منها وقبلها؟ لا شك أن هناك أمور أخرى أولى منها وقبلها، وهي المذكورة في هذه الآيات.

فالشاهد: أننا لا نتدين بوصايا إلا وصايا رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام، وكتاب ربنا بين أيدينا هو حسبنا مع سنة نبينا عليه الصلاة والسلام، وإن كان ولابد من وصايا فوصايا الأئمة المهديين خير القرون أولى من غيرهم، والله سبحانه وتعالى أعلم.

فأول وصية من هذه الوصايا العشر: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [الأنعام:151] هذه أصل الوصايا وأصل الدين، بل أصل الأديان كلها منذ أن خلق الله آدم إلى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، قال الله سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25] فهذه أولى الوصايا، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام لـ معاذ بن جبل عالم الصحابة بالحلال والحرام، قال: (يا معاذ! هل تدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله إن هم فعلوا ذلك ألا يعذبهم) فمن ثم كان الأمر بعبادة الله أصل الوصايا {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25] فهذا أصل الدين.

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في جملة أحاديث أن من عمل عملاً أشرك فيه أحداً مع الله تركه وشركه، قال الله سبحانه في الحديث القدسي: (من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) فهل المراد بقوله: {وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} الرياء، أو نفي الشريك مطلقاً سواء كان الرياء أو عبادة آلهة آخرى مع الله؟ الآية عامة، فتنفي الشركاء لله وتنفي أيضاً التوجه بالأعمال إلى غير الله سبحانه وتعالى، فيدخل فيها الرياء كما يدخل فيها عبادة آلهة مع الله، والرياء لا يكاد ينجو منه شخص؛ فمن ذلك: ما روي عن أبي عبد الله المروزي وسأله سائل: متى دخلت البصرة يا أبا عبد الله؟ قال: دخلتها منذ عشرين سنة وأنا منذ ثلاثين سنة صائم، فقال له القائل: سألتك عن مسألة واحدة وأنت أجبتني عن مسألتين، فلماذا أجبت عن مسألة لم أسألك عنها؟ فكأنه أشار إليه أن ما ذكرته أنت يا أبا عبد الله حين قلت: وأنا منذ ثلاثين سنة صائم، فيه نوع من العجب والرياء والتكاثر.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

كما تقول لقائل: صلاتك حسنة، فيقول لك: وأنا مع ذلك صائم والحمد لله، نعم أنت صائم ولكن لله، وأنا ما سألتك عن الصيام! وكما يحدث أيضاً لأهل العلم عندما يلقي محاضرة أو خطبة جمعة وتكون جيدة موفقة فيقول: ومع ذلك لم أحضر الخطبة، فتقول: ما سألناك عن تحضيرك للخطبة أو عدم تحضيرك! فاجعل نيتك لله سبحانه وتعالى، وهذه دقائق أمور ينبغي أن يلتفت إليها العاملون لله سبحانه وتعالى حتى لا تحبط أعمالهم وهم لا يشعرون، ويستشف هذا من نور الله بصيرته وزين قلبه بزينة الإيمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015