قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المعارج:29] أي: حافظون للفروج من كل ما منع الله منه، حافظون للفروج من الزنا، فإن الله قال: {وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان:68] .
والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن الزناة تحرق فروجهم ويوضعون عراة في مثل التنور، كما رأى ذلك عليه الصلاة والسلام في الرؤيا، فهم حافظون للفروج من الزنا، وحافظون للفروج من الاستمناء، وبهذه الآية الكريمة استدل الإمام الشافعي على تحريم الاستمناء؛ لأن الله قال: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المعارج:29-31] قال: والاستمناء من ما وراء ذلك.
وأيضاً: حافظون لفروجهم من أن يراها أحد، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة) .
قال تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المعارج:30] قوله: (فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) يفيد أنه ليس عليهم لوم إذا أتوا نساءهم أو أتوا إماءهم، لكن نفي اللوم يفيد أكثر من ذلك، وهو أن إتيان النساء مستحب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وفي بضع أحدكم صدقة) وفي الحديث المعروف: (يأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر يا رسول الله؟ قال: نعم، أرأيت لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ قال: نعم، قال: كذلك لو وضعها في الحلال كان له أجر) .
فأحياناً الحكم لا يؤخذ من آية واحدة فقط، أو من حديث واحد فقط، فمثلاً: الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة:158] فلو أخذت حكم الطواف بين الصفا والمروة من الآية فقط، لكان حاصل ما في الآية: أنه لا إثم عليك إذا طفت، لكن من النصوص الأخرى استفدت وجوب السعي بين الصفا والمروة، بل من العلماء من قال بفرضية السعي بين الصفا والمروة.
فالحكم لا يؤخذ من آية واحدة فقط، كذلك في قصر الصلاة: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء:101] إن أخذت الحكم من الآية فغاية ما أفادته الآية أنه لا إثم عليك إذا قصرت، ومنهم من قال بوجوب القصر، والجمهور على الاستحباب، لحديث: (فرضت الصلاة مثنى مثنى، فزيد في صلاة الحضر وأقرت في صلاة السفر) .
فالأحكام لا تؤخذ من آية واحدة ولا من حديث واحد فقط.
قال الله سبحانه وتعالى: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المعارج:31] فعلى ذلك ينصح الشاب الذي تعتريه الشهوة والفتوة بما نصح به الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) هذه نصيحة رسول الله.
وقال الله سبحانه: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33] .
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (ومن يستعف يعفه الله) ، وفي الرواية الأخرى: (ومن يستعفف يعفه الله) .
فهذه إرشادات للشباب، ألا يتبعوا النفس وهواها ولا يسيروا وراءها، ولا أن يكون كل ما احتاجت النفس إلى شيء فعله، بل كن كما علمك الرسول عليه الصلاة والسلام، عليك بالصيام وعليك بالاستعفاف، وعليك بغض البصر، وعليك باتخاذ التدابير الواردة في شرعنا للوقاية من الجنس.