قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [التغابن:12] : هذه الآية جاءت عقب قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [التغابن:11-12] ، فلقائل أن يقول: ما وجه الربط بين قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [التغابن:12] بعد قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن:11] ؟ أجاب بعض العلماء على الربط بين الآيتين من وجه حسن، فقالوا: قد يكسل شخص في العمل، ويقول: ما دامت الأمور والمصائب مقدرة فلا معنى للاحتراز وللاحتياط ولأخذ الحذر، قالوا: فالله سبحانه وتعالى يقول: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [التغابن:12] ، فأمرنا الله بالعمل بعد أن بيّن لنا أن الأمور مقدرة ومثبتة، ثم حثنا على السمع المصحوب بالطاعة، لا السمع المصحوب بالعصيان كما هو شأن بني إسرائيل.
قال القرطبي رحمه الله تعالى وغيره من المفسرين: وقد جازف الحجاج بن يوسف الثقفي لما قصر هذه الآية على عبد الملك بن مروان فإنه -أي: الحجاج - تلا هذه الآية الكريمة: (وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) وقال: (هذه خاصة بأمير المؤمنين وخليفة الله عبد الملك لا مثنوية فيها) ، ففسرها بلا برهان ولا دليل، قال الحجاج بن يوسف الثقفي: (فلو أمرت رجلاً أن يخرج من باب المسجد هذا فخرج من الباب الآخر لاستحللت قتله) ، وهكذا كان يفعل إذا أمر بأي أمر وخولف فيه، فكان يرى أن المخالف إما أنه كفر وعليه الرجوع عن كفره أو يقتل -والعياذ بالله-، فقرأ هذه الآية على عبد الملك بن مروان بلا أي مسحة من دليل من كتاب الله أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم على هذا القصر وهذا التخصيص.