لو قال قائل: إن الله سبحانه وتعالى ذكر التغابن في كتابه، فدل ذكره للتغابن في كتابه على جواز الغبن؟ فالإجابة: هذا الفهم بعيد عن الصواب؛ لأن الله سبحانه وتعالى اختص يوم القيامة بأنه يوم التغابن، أي: الذي يغبن فيه أهل الجنة أهل النار.
فكيف يغبن أهل الجنة أهل النار في هذا اليوم؟ قال فريق من المفسرين -وهذا أيضاً مأخوذ من قول الله سبحانه وتعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف:72]- قالوا: إن للكافر مقعدين: مقعداً في الجنة ومقعداً في النار، وإن للمؤمن كذلك مقعدين: مقعداً في الجنة ومقعداً في النار، فإذا دخل المؤمن الجنة أخذ مقعده من الجنة، وبقي مقعد الكافر شاغراً فيأخذه المؤمن، ويأخذ الكافر مقعد المؤمن من النار، فهنا يحدث التغابن، أهل الجنة غبنوا أهل النار بأخذهم مقاعدهم من الجنة، واستيلائهم على مقاعدهم من الجنة، وأهل النار غُبنوا بأخذهم مقاعد أهل الإيمان في النار، فهذا أحد الأقوال.