باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد: فسورة المنافقين من السور المدنية التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، والنفاق لم يكن موجوداً بمكة، إنما نشأ النفاق بالمدينة لما قويت شوكة المسلمين فيها، والنفاق ينقسم إلى قسمين: نفاق اعتقاد، ونفاق عمل.
ونفاق الاعتقاد: هو الذي يخلد صاحبه في النار، وهو الذي ورد فيه قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} [النساء:145] .
أما نفاق العمل: فهو مثل الوارد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) ، وكالوارد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً) إلى آخر الحديث.
فنفاق العمل يلحق بالمعاصي والآثام، ولا يخلد صاحبه في النار؛ وذلك لأن الكذب وإخلاف المواعيد ونحو ذلك، معاصٍ تكاد تصل إلى حد الكبائر، لكن لا توجب لصاحبها خلوداً في النار.
أما نفاق الاعتقاد، وهو إضمار الكفر وإظهار الإسلام، فهو الذي يخلد صاحبه في النار، وهو الذي تتعلق به هذه السورة الكريمة، وكذلك أكثر الآيات الواردة في ذكر النفاق في كتاب الله سبحانه إنما تتعلق بنفاق الاعتقاد، أما نفاق العمل فوروده في كثير من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.