إن الجماعة العامة التي نادانا الله بها، وطالبنا الله بالانضمام تحتها هي جماعة المسلمين العامة، ليس إلا ذلك، ومن عارض فهذا كتاب الله بين أيدينا، وتلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيدينا، هما حكم على الجميع، والأدلة كلها تحث على الوحدة بين المسلمين جميعاً، والمسلم يحب بقدر ما فيه من طاعة، ويبغض بقدر ما فيه من معصية.
ولكن شاء الله سبحانه -ولا راد لقضائه-: أن تتفتت أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وتتفرق إلى شيع وأحزاب، كما تفرق من كان قبلها، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (سألت ربي ثلاثاً؛ فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألته ألا يجعل بأس أمتي بينها فمنعنيها) ، ولما نزل قول الله جل ذكره: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام:65] ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أعوذ بوجهك! ولما قال: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام:65] قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعوذ بوجهك! ولما قال: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام:65] قال النبي عليه الصلاة والسلام: هذه أهون!) .
فشاء الله أن يقتل بعض أمة محمد بعضاً، وأن يسبي بعضهم بعضاً، وأن يغير بعضهم على بعض، حكمة الله وسنة الله تعالى في خلقه، ولكن ليس لنا مخرج إلا الاجتماع تحت كتاب ربنا وسنة نبينا، والتآلف مع عموم المسلمين.