قوله تعالى: (والمحصنات من النساء) معناه: والمحصنات من النساء حرام عليكم أن تتزوجوهن.
من المراد بالمحصنات؟ كثير من العلماء يقولون: إن المراد بالمحصنات هنا: المتزوجات؛ فحرام عليك أن تتزوج امرأة لها زوج.
هذا رأي جمهور المفسرين في تفسير المحصنات هنا.
أي: حرام عليكم أن تتزوجوا المتزوجات إلا إذا طلقهن الأزواج.
ومن العلماء من قال: إن المحصنات هنا المراد بهن: الحرائر.
أي: والحرائر لا يجوز لكم أن تتزوجوهن إلا بولي وصداق.
لكن جمهور المفسرين على القول الأول، وتقدم أن الإحصان يطلق على عدة معاني، منها: العفة، فالعفيفة محصنة، ودليله قوله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} [التحريم:12] ، والمؤمنة محصنة، والحرة محصنة، والمزوجة محصنة.
فكل هؤلاء محصنات.
وأصل الإحصان مأخوذٌ من المنع، فالزواج يحصن فرج المرأة من الزنا.
أي: يمنعها من الزنا، والإسلام كذلك يمنع المرأة من الزنا، والحرية كذلك تمنع المرأة من الزنا، ومن هذا الباب ما ورد بإسناد فيه كلام: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخذ البيعة على النساء وذكر: أن لا يسرقن ولا يزنين، قالت هند: أوتزني الحرة يا رسول الله؟) ، فأفاد هذا الكلام: أن الزنا لم يكن متفشياً في الحرائر بل كان متفشياً في الإماء.
فالشاهد: أن الحرية تحصن.
أي: تمنع من الزنا؛ فالإسلام والحرية والعفة والزواج كله يحصن المرأة.
أي: يمنعها من الزنا.
وكل هذه الأصناف من النساء يطلق عليهن محصنات.
لكن المراد بالآية الكريمة معنىً واحد من معاني الإحصان وهو: الزواج، فالمتزوجات من النساء حرام عليكم أن تتزوجوهن إلا إذا طُلقن، أو فسخ عقدهن نكاحهن، أو انخلعن، أو فارقن أزواجهن بأي سبب من أسباب الفراق.