إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم بارك على محمد وعلى آله محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
بعد أن تكلمنا في بحث مسمى الإيمان، وحقيقة الإيمان، شرعنا في دراسة ست مسائل تتعلق بمباحث في أصول الدين: الأولى: كون الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
والثانية: تفاضل أهله فيه، أي: أن أهل الإيمان متفاضلون وليسوا على مرتبة واحدة في الإيمان.
الثالثة: أن فاسق أهل الملة الإسلامية لا يكفر بذنب دون الشرك ولوازمه إلا إذا استحله.
والرابعة: أن المسلم الفاسق لا يخلد في النار.
والخامسة: أن المسلم في العقاب وعدمه تحت المشيئة.
السادسة: أن التوبة في حق كل فرد مقبولة ما لم يغرغر، سواء من كفر أو من أي ذنب كان.
وقد فرغنا من الكلام على القضية الأولى: وهي أن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
وشرعنا في دراسة القضية الثانية وهي: أن أهل الإيمان متفاضلون فيه، كما قال حافظ حكمي: وأهله فيه على تفاضل هل أنت كالأملاك أو كالرسل والآيات والأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين في باب إثبات تفاضل أهل الإيمان أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تنكر.
والمقصود بيانه أن الناس متفاوتون في الدين بتفاوت الإيمان في قلوبهم، ومتفاضلون فيه بحسب ذلك، فأفضلهم وأعلاهم في قوة الإيمان أولو العزم من الرسل.
ومعروف أن أعلى أولو العزم من الرسل إيماناً هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأعلى وأفضل الناس إيماناً هم أولو العزم من الرسل، وأدناهم وأقلهم إيماناً المخلصون من أهل التوحيد، وبين ذلك مراتب ودرجات لا يحيط بها إلا الله عز وجل الذي خلقهم ورزقهم.