الشرط الرابع: الانقياد لما دلت عليه: وهذا الانقياد ينافي ترك ذلك، قال الله عز وجل: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر:54]، وقال: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [النساء:125]، وقال تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [لقمان:22] والعروة الوثقى هي: لا إله إلا الله، {وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [لقمان:22] ومعنى (يُسْلِمْ وَجْهَهُ)، أي: ينقاد إلى الله تبارك وتعالى، ومن لم يسلم وجهه إلى الله، ولم يك محسناً، فإنه لم يستمسك بالعروة الوثقى، وهو المعني بقوله تبارك وتعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} [لقمان:23 - 24]، وفي حديث مختلف في صحته -ولعله يكون حسناً إن شاء الله- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)، وهذا هو تمام الانقياد وغايته.
الهوى أصلاً مذموم، وأغلب النصوص يأتي الهوى مذموماً فيها، لكن في مثل هذا النص لا يكون المقصود به الهوى المذموم، وهو مثل قول عائشة رضي الله عنها: (ما أرى ربك إلا يسارع في هواك)، أو كما قالت رضي الله عنها.