كفر الشك

الرابع: كفر الشك، وهو كفر من ارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون، لا يصدقون ولا يكذبون، بل يقولون: {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية:32].

وهذا الشخص الذي يعاني من التردد والشكوك والذبذبة بين التصديق والتكذيب، ويتردد بين الظن وغيره إذا تدبر في آيات الله عز وجل فإنه يهتدي إلى اليقين في آيات الله عز وجل، لكن إذا انضاف إليه الإعراض واستمر على إعراضه فيبقى في هذا التردد والشك.

بناءً على هذا الكلام نستطيع أن نوضح ونبين ما هو الأساس الذي نستطيع أن نحكم به على الشيء بأنه يكفِّر أو لا يكفِّر فيما يتعلق بقضية الحاكمية بسهولة ويسر، فيقال: إذا رجع الخلل إلى أحد الأصلين أو كليهما، أي: إذا رجع الخلل الذي نشأ في قضية الحاكمية إلى التصديق أو الانقياد فهذا كفر، لكن إن سلم للإنسان أصل التصديق والانقياد لشريعة الله فهذا يكون من الفروع.

هذه الحالة الأولى.

الحالة الثانية: إذا سلم أصل التصديق وبرئ من كفر التكذيب والشك، وإذا سلم أصل الانقياد وبرئ من كفر الإعراض وكفر الجحود والاستكبار والعناد؛ فالإنسان في قضية الحاكمية إذا سلم من هذه الأنواع الأربعة من الكفر، وحصل خلل في شيء من أمور الحاكمية، فما دام أنه سلم له أصل التصديق والانقياد فهذا يرجع إلى الفروع.

أما إذا حصل خلل في قضية التصديق والانقياد فهذا يرجع إلى العقيدة ويكون كفراً أكبر.

فحالة الفروع تمس التصديق والانقياد، وحينئذٍ يصدق على فاعل هذا الشيء ما أثر عن السلف الصالح رحمهم الله ورضي الله عنهم من قولهم في تفسير قوله عز وجل: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44]، قالوا: إن هذا ليس بالكفر الذي تذهبون إليه؛ أو ليس الكفر الذي ينقل عن الملة.

وبهذا يكون المناط المكفر في قضية الحاكمية له صورتان: الأولى: ما كان الخلل فيها راجعاً إلى أصل التصديق، وهذه هي صورة الجحود، والجحود في اللغة: هو الإنكار بعد العلم، فمن حكم بغير ما أنزل الله جحوداً لحكم الله فهو كافر بلا نزاع، وهذه الصورة تئول وترجع في النهاية إلى كفر التكذيب؛ لأنه يكذب بحكم الله عز وجل.

الحالة الثانية: إذا كان الخلل راجعاً إلى أصل الانقياد، فهذه صورة الرد: أنه يرد حكم الله عز وجل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015