كيف نميز بين الحب الذي يكون له علاقة بأصل الدين، والحب الذي لا يتعلق بأصل الدين؟ التفريق والميزان بين الحب الذي له علاقة بأصل الدين والذي ليس له علاقة بأصل الدين هو الباعث، يعني: نبحث ما هو الذي يبعث على هذا الحب، وما هو الذي يحمل عليه، فإن كان هذا الحب لرحم أو لزوجية أو لحاجة كان متعلقاً بالفروع أي: بالأمور العملية في كتب الفقه مثلاً، ولا ينتقض فيه بالضرورة عقد الإسلام، اللهم إلا إذا حمل على ارتكاب فعل هو في ذاته من أعمال الكفر الأكبر، أما إن كان الباعث على هذا الحب مرده إلى الدين، وكان الباعث عليه والدافع له متعلقاً بأصل الدين لا محالة، كالذي يعادي المسلم بسبب إسلامه، أو بغضه لأحكام الله، وكراهيته لما أنزل الله، فهذا ينقض أصل الإيمان ويبطل الإسلام، يقول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} [المطففين:29 - 32] إلى آخر الآيات، وقال تعالى: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} [المؤمنون:109 - 110].
كل هذه صورة من معاداة المسلم بسبب إسلامه، لا أنهم يتنازعون على أرض أو على مال أو على أمر من أمور الدنيا أو تحاسد، لكنها معاداة بسبب أن هذا مسلم، وبسبب أن هذا صاحب دين، فمعاداة المسلم بسبب إسلامه هذا مما يتعلق بأصل الدين وينتقض به عقد الإسلام.
كذلك حتى نميز بين الحب الذي له علاقة بأصل الدين وبين ما لا علاقة له بأصل الدين العداوة وهي نقيض الحب.
إذاً: ما هي العداوة التي تتعلق بأصل الدين؟ وكيف نفصل بينها وبين العداوة التي لا علاقة لها بأصل الدين ولا تنقض عقد الإسلام؟ فيكون نفس هذا الجواب، يعرف ذلك بالبحث عن الباعث على هذه العداوة، إن كان الحامل على هذه العداوة خصومة أو حسد أو تنازع على مالٍ أو على شيء من هذا كان تعلقها بالفروع وليس بأصول الدين، ولكل حالة حكمها، أما إذا كان مردها إلى الدين وعداوة بسبب الدين فهذه ما من شك أنها تتعلق بأصل الدين، وتقدح في صحة الإيمان.