يقول: مسألة: فإن قيل: وما الجمع بين ما تقدم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه في من ارتكب حداً لم يقم عليه فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه، وبين ما صرحت به النصوص التي في الميزان والحساب والجنة من أن من رجحت خطاياه وسيئاته بحسناته تمسه النار ولابد؟ يعني: لا إشكال في ذلك ولا منافاة ولله الحمد، وقد حصل جمع فاصل للنزاع بحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الذي ذكرناه: بأن من يشأ الله عز وجل أن يعفو عنه يحاسبه الحساب اليسير الذي فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالعرض، وبين أن من نوقش الحساب عذب، فهو يحاسب، لكن صورة حساب الشخص الذي مات على ذنب من هذه الذنوب واستوجب الحد ولم يقم عليه وستر الله عليه؛ فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه.
ف
صلى الله عليه وسلم أن من شاء الله أن يعفو عنه فإنما يحاسب حساباً يسيراً، ما الحساب اليسير؟ مجرد عرض الأعمال عليه، ثم يقال له: (فإني أسترها عليك اليوم كما سترتها عليك في الدنيا).
أما الشخص الذي مات على معصية دون أن يتوب منها فهذا سوف يحاسب حساباً عسيراً، كيف يكون الحساب؟ بالمناقشة، متى ما نوقش وحصل أخذ ورد، في هذه الحالة يكون الله قد شاء أن يعذبه.
يقول عليه الصلاة والسلام: (يدنو أحدكم من ربه عز وجل حتى يضع عليه كنفه، فيقول: أعملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم.
فيقول: أعملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم.
فيقرره بها، ثم يقول: إني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم)، وأما الذين يدخلون النار بذنوبهم فهم ممن يناقش الحساب، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نوقش الحساب عذب)، نسأل الله عز وجل أن ييسر حسابنا، ويتجاوز عنا، ويغفر لنا بمنه وكرمه آمين.