أقسام الصفات واشتقاق الأسماء منها

Q ما حكم إطلاق الألفاظ التي فيها تكريم على الله سبحانه وتعالى دون توقيف؟

صلى الله عليه وسلم هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم، فقالوا: الصفة إما أن تقتضي نقصاً أو لا تقتضي نقصاً، وإما أن يرد بها نص أو لا يرد بها نص، فهذه أربعة أقسام من الصفات: القسم الأول: الصفات التي لا تقتضي نقصاً وورد بها النص، فهذه لا إشكال فيها إطلاقاً، مثل صفات الله الواردة في النصوص الشرعية.

القسم الثاني: الصفات التي قد توهم نقصاً، ولكنها ورد بها النص، فهذه تثبت وينزه الله عن ذلك النقص مثل قوله تعالى في الحديث القدسي: (جعت فلم تطعمني) ، وقد فسر ذلك وبين المقصود به، وهذه لا يُتعدى بها محل النص، ولا يجوز إطلاقها إلا في موضعها، ومثل قوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران:54] ، ومثل قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء:142] ، فلا يُتعدى بها محلها، ولا يتجاوز بها نفس الآية أو الحديث الذي وردت فيه أبداً.

القسم الثالث: ما لا يقتضي نقصاً ولم يرد به النص، مثل صفات الكمال التي لم يرد بها النص، فهذه اختلف في إطلاقها، والراجح جواز إطلاقها؛ لدلالة عمومات المدح عليها؛ لأن الله امتدح نفسه بكل كمال، وامتدحه رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك، فهذا يقتضي وصفه بكل كمال نعبر نحن عنه.

القسم الرابع: ما يقتضي نقصاً ولم يرد به نص، فهذا لا يجوز إطلاقه بالكلية.

يبقى مسألة أخرى وهي: اشتقاق الأسماء من هذه الصفات، أما الأسماء التي جاء إطلاقها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي توقيفية، وما ورد به النص من الأسماء فليس فيه شيء يقتضي نقصاً، وهذا لا نقاش فيه.

أما الصفات التي لا تقتضي نقصاً ولم يرد بها نص فقد اختلفت في استعمال الأسماء منها، مثل: المحسن، فالمحسن لم يرد به نص، وأنت قد تسمي ولدك مثلاً: عبد المحسن، أو عبد المتفضل، وهذا لم يرد به النص، فهل يجوز إطلاقه؟ الجواب: هذا محل خلاف بين أهل العلم: قالت طائفة من أهل العلم: يجوز أن تسمي عبد المحسن، ويجوز أن تطلق على الله أنه محسن؛ لأن كل من قام به وصف يجوز أن يشتق له منه اسم، والعكس أيضاً: من لم يقم به وصف لا يجوز أن يشتق له منه الاسم، ولذلك يقول الناظم: وغير من قام به وصف فلا يشتق منه اسم له من عقلا والسيوطي رحمه الله ذكر أطراف هذه المسألة حيث قال: أسماؤه سبحانه موقفه ثالثها الاسم فقط دون الصفه ويكتفى بمرة والمصدر والفعل والظنون في المعتبر فأسماؤه سبحانه توقيفية، وهذا على القول بأن الأسماء والصفات توقيفية.

القول الثاني: أن الأسماء توقيفية بخلاف الصفات.

القول الثالث: أنها غير توقيفية مطلقاً لا الأسماء ولا الصفات، أي: أن كل وصف يقتضي كمالاً يجوز إطلاقه على الله، ويجوز أن يشتق له منه اسم كالمتفضل والمحسن.

هذه الأقوال الثلاثة اختصرها السيوطي رحمه الله في قوله: أسماؤه سبحانه موقفه ثالثها الاسم فقط دون الصفه ثم قال بعد هذا في الصفات: ويكتفى بمرة، أي: لو جاء الاسم في حديث واحد من أخبار الآحاد أو الصفة في خبر واحد من أخبار الآحاد مرة واحدة فيكفي ذلك في إثباتها.

قوله: والمصدر، أي: كذلك إذا جاء المصدر فقط فإنك يجوز أن تشتق لله منه اسماً أو صفة لثبوته بالوحي.

وقوله: والفعل، أي: كذلك لو أطلق فعل على الله سبحانه وتعالى ولم يرد منه وصف فيجوز اشتقاق الوصف منه، وكثير مما نذكره من الصفات هنا إنما جاءت بلفظ الفعل أو المصدر كما في الحكم، فلم يأت اشتقاق الوصف منه إلا أحكم الحاكمين، وأحكم الحاكمين وصف من الحكم أو من الحكمة، لكنه أضيف إلى الحاكمين فكان ذلك يقتضي إثبات الصفة، وقد جاء بالفعل وجاء بالمصدر: جاء بالمصدر في قوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام:57] وقوله سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى:10] ، وجاء الفعل في قوله تعالى: {يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} [البقرة:113] .

وقوله: والظنون، أي: أخبار الآحاد إذا وصلت إلى درجة المقبول بأن كانت صحيحة أو حسنة، فذلك كافٍ في الاحتجاج بها في إطلاق الصفات والأسماء على الله سبحانه وتعالى، هذا هو القول الراجح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015