مسألة التوقيف في الأسماء الحسنى

وهذه الأسماء العلى قد اختلف فيها مثل الاختلاف السابق في الصفات، هل هي توقيفية أو لا؟ وقد ذكرنا من قبل ثلاثة أقوال في الصفات: القول الأول: أن الصفات كلها توقيفية.

القول الثاني: أنها كلها جائزة الإطلاق إذا اقتضت كمالاً، فكل صفة تقتضي كمالاً يجوز إطلاقها عليه ولو ولم ترد.

القول الثالث: الاكتفاء بما ورد ولو لم يصرح به، بل يكتفى بالفعل والمصدر ونحو ذلك.

والأسماء أيضاً مختلف فيها: فقيل: هي توقيفية مطلقاً، وعلى هذا جاء الدعاء: (اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك؛ أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي) ، فهذا فيه: (سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك) أي: مما سميت به نفسك: (أو علمته أحداً من خلقك) أي: مما سميت به نفسك: (أو ستأثرت به في علم الغيب عندك) معناه: بعد أن سميت به نفسك.

وقيل: هي أيضاً مثل الصفات، فكل صفة ثبتت لله يجوز اشتقاق الاسم منها، ولكن هذا القول فيه توسع زائد؛ لأن بعض الصفات -كما ذكرنا- لا يحل تفسيرها، بل تفسيرها تلاوتها.

{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران:54] مثلاً، هذه في موضع معين مقصود بها المقابلة وشدة الأخذ والأخذ الوبيل.

وقيل بالتفصيل: فالصفات التي ورد بها النص وتقتضي كمالاً ولا توهم نقصاً يجوز اشتقاق الأسماء منها مطلقاً، والصفات التي توهم النقص مطلقاً سواء ورد بها النص أو لم يرد لا يشتق منها الاسم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015