إن حقوق الجار متعددة وكثيرة، ومما ذكره العلماء في حقوق الجار: إذا استعانك فأعنه، وإذا استقرضك فأقرضه، وإذا افتقر عد إليه، وإذا مرض فعده، وإذا أصابه خير فهنئه، وإذا أصابته مصيبة فعزه، وإذا مات فاتبع جنازته، ولا تستطل عليه بالبنيان فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها، وإن اشتريت فاكهة فأهد له، فإن لم تفعل فأدخلها سراً؛ لأن ذلك من الإيذاء النفسي، فهذا يرى جاره يدخل الكراتين، وهو ليس عنده شيء، لا كيلو ولا حبة من الفواكه، فإذا لم ترد أن تعطيه منها فأدخلها سراً، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده، فهذا ولده يخرج وفي يده الحبة الكبيرة من الفواكه وولد ذاك مسكين ليس عنده شيء، فلا تجعل ولدك يغيظ ولد جارك، بأن يخرج إليه بشيء لا يملك مثله، فيتألم الغلام الآخر.
وكذلك من الحقوق: إيصال الخير إليه بكل الطرق، مثل كف الضرر عنه بكل طريقة، ثم البدء بالسلام؛ لأنك لا بد أن تلقاه على باب البيت كثيراً، هو يدخل ويخرج، وأنت تدخل وتخرج، فابدأه بالسلام، ولا تطل معه الكلام بحيث تضايقه، ولا تجمع له الزلات ثم تحاسبه عليها كما تحاسب موظفاً أو سائقاً أو خادماً عندك، وأظهر السرور بما أسره، واصفح عن زلاته، ولا تطلع على عوراته، ولا تضايقه بوضع الجذع على جداره، ولا تطرح القمامة أمام بابه، ولا تضيق عليه الطريق، ولا تقف بسيارتك أمام باب (الكراج) -كما في هذه الأيام- أو تأخذ مكان سيارته المظلل الذي أمام بيته؛ لأنه -الآن- هناك مواقف قد تكون مخصصة، كل عمارة مثلاً تخصص لكل شقة موقفاً للسيارة، أو يأخذ المكان الذي أمام البيت بالضبط، أو يسد عليه مكان الخروج، واستر ما انكشف من عوراته.