وأما بالنسبة لتقبيل المصحف، فإنه لم يرد فيه شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ورد عن عكرمة أنه كان يقبله، ويقول: [كلام ربي، كلام ربي] وهذا ليس مما وافقه عليه الصحابة، ولذلك نص بعض أهل العلم على بدعية هذا.
والناس اعتادوا تقبيل المصحف خصوصاً إذا سقط أو وقع على الأرض، وكأنه صار عندهم دين وشرع أن المصحف إذا وقع لابد أن يقبل، وليس هناك دليل على ذلك، والمواظبة على تقبيله مما لم يرد فيه دليل صحيح.
وكذلك تقبيل الخبز، فإن بعض الناس يقبلون الخبز، وهذا مما لم يرد فيه دليل أيضاً، لكن الخبز ورد الحديث بإكرامه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أكرموا الخبز) ومن إكرامه كأن يكون موجوداً فلا يلقى ويرمى ويهان، ولا يجعل مع القاذورات والنجاسات، إذا رأيته مرمياً فأخذته ورفعته، فهذا من إكرام الخبز، لكن تقبيله ليس عليه دليل.
وتقبيل يد العالم الورع والوالدين تقدم، كما أنه يقبله في جبهته، وأيضاً يقبل يده، والنبي صلى الله عليه وسلم عانق جعفراً حين قدم من الحبشة، وقبله بين عينيه، لكن هذا الحديث الذي رواه أبو داود قال المنذري: إنه حديث مرسل؛ لأنه من رواية الشعبي.
ومن أنكر من العلماء تقبيل اليد، لعلهم لم يطلعوا على الحديث أو لم يثبت عندهم صحته، وتقبيل الأولاد والأحفاد والصغار تقدم الحديث فيه مع أمن الشهوة عموماً، وتقبيل الأب لابنته، والبنت لأبيها، وينبغي أن يشدد في مسألة تقبيل الأقارب بعضهم لبعض، لأجل فشو الفساد في هذا الزمان، لكن لو قبل جدته مثلاً في رأسها فلا حرج في ذلك، الجدة مثل الوالدة، وكذلك الجد، أو قبلت جدها في رأسه أو يده، فلا حرج في ذلك.