أن يقدم قضاء الحاجة على الصلاة

ومن الآداب كذلك المتعلقة بقضاء الحاجة: أنه يقدم قضاء الحاجة على الصلاة إذا حضرته حاجته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان).

لماذا؟ لأنها تشغل قلبه، ويعجل عن إكمال صلاته، وقد يفقد الطمأنينة فيجمع بين أمرين: العجلة وعدم الإكمال، والشغل عن الإقبال على ربه وعلى صلاته، ولذلك فإنه عليه الصلاة والسلام أمر المسلم إذا أقيمت الصلاة وحضرته حاجته أن يبدأ بقضاء الحاجة ولو فاتت صلاة الجماعة.

وقد طبق ذلك عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه، فإنه قد ورد عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عروة: أن عبد الله بن الأرقم كان يؤم أصحابه فحضرت الصلاة يوماً فذهب إلى حاجته ثم رجع، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أراد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة).

فلأجل أن يتفرغ للصلاة ويخلو بالإقبال عليها أمر بذلك.

وينبغي أيضاً: الإشارة إلى أن الحاجة أنواع ومراتب فهناك شيءٌ خفيف لا يشغل عن الصلاة ولا يعجله عنها فإذا حصل ذلك وصلى جازت صلاته، وإن وجد من ذلك ما يشغله ويعجله حتى ولو كان داخل الصلاة فإنه ينصرف سواءً كان إماماً أو مأموماً لكي يتفرغ ولا يصلي بدون خشوع فإن لم ينصرف وتمادى في صلاته وبه من الحقن -محتقن ومحصور- ما يعجله ويشغله فقد قال مالك رحمه الله: أحب إليَّ أن يعيد في الوقت وبعده.

وقال أبو حنيفة والشافعي: إن فعل فبئس ما صنع ولا إعادة عليه.

إذاًَ: لو صلى وهو حاقن فما حكم صلاته؟

صلى الله عليه وسلم إذا لم يخل بركن الطمأنينة فصلاته صحيحة مع الكراهة وينقص من أجره لمخالفته للحديث، وأما إذا كانت الحاجة التي حضرته شديدة جداً بحيث صار يستعجل في الصلاة جداً فإنه عند ذلك تبطل صلاته؛ لأنه فقد شرط الطمأنينة، وقد جاء عن مالك عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب قال: [لا يصلين وهو ضامٌ بين وركيه].

وهذه الصلاة المقصود بها الصلاة في حال الحقن الذي يبلغ المصلي أن يضم وركيه من شدة حقنه؛ هذا معنى كلام عمر.

الخلاصة: أن ما يجده الإنسان على ثلاثة أضرب: أن يكون خفيفاً؛ فهذا يصلي به ولا يقطع.

والثاني: أن يكون ضاماً بين وركيه؛ فهذا يقطع فإن تمادى صحت صلاته ويستحب له الإعادة في الوقت على قول بعض العلماء كـ مالك رحمه الله.

والثالث: أن يشغله ويعجله عن استيفائها بحيث يفقد الطمأنينة؛ فهذا صلاته باطلة، ويجب عليه أن يقطع وجوباً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015