ثاني عشر: من آداب قضاء الحاجة: أنه لا يجوز البول في الماء الدائم (لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البول في الماء الراكد).
متفق عليه، ولأن الماء إذا كان قليلاً تنجس به، وإن كان الماء كثيراً فربما تغير بتكرار البول فيه هذا، بالنسبة للماء الراكد.
وأما الماء الجاري فلا يجوز التغوط فيه؛ لأنه يؤذي من يمر به، فإن قال قائل: فالبول فيه؟ إن بال فيه وهو كثير بحيث لا يؤثر فيه البول فلا بأس؛ لأن تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم الراكد بالنهي عن البول فيه دليلٌ على أن الجاري بخلافه، وبناءً على ذلك فلو بال في البحر فلا حرج عليه، فهذا لا ينجسه شيء ولا يؤذي أحداً، لكن لا يتغوط على الساحل، أو في المكان الذي يدخل فيه الناس للبحر يمشون، بل إنه يبعد ويحذر لنفسه ويقضي حاجته.
والنهي عن البول في الماء الراكد الأصل فيه أنه للتحريم، وقد ذهب إلى ذلك عدد من أهل العلم وحرموا التغوط في الماء القليل أو الكثير الراكد، أو الجاري؛ لأنه يقذره ويمنع الناس من الانتفاع به؛ وهذا مذهب الحنابلة.
وإذا قلنا ذلك: فمن باب أولى أن قضاء الحاجة في المسجد حرام؛ لأنه لا بد من صيانتها وتنزيهها وتكريمها لأنها أماكن للعبادة والدليل حديث الأعرابي المعروف.
وقد ذكر ابن الحاج رحمه الله في كتابه: المدخل للبدع، من بدع الاحتفال بالإسراء والمعراج ونحو ذلك، قال: احتشادهم الساعات الطوال في المساجد مع النساء وربما إذا احتاجوا إلى قضاء الحاجة قضاها بعضهم في المسجد في الخلف.
طبعاً: هذا من المنكرات الكبيرة.
وقد ذكر بعضهم مسألة قضاء الحاجة بالكنيسة وبيع اليهود، فقالوا: إذا كان هذا يؤدي إلى أن يفعلوه في مساجدنا انتقاماً من مسلم فعله عندهم فلا يفعلوا ذلك، كما أننا نهينا أن نسب آلهة الكفار لئلا يسبوا الله عدواً بغير علم، وأيضاً من جهلهم إذا سببنا آلهتهم يسبون الله عز وجل.