أما بالنسبة لقبول الهدايا من الكفار، فإنه قد وردت نصوص أن النبي عليه الصلاة والسلام أخذ هدايا من الكفار، مثلما أخذ -مثلاً- من أكيدر دومة الجندل.
وكذلك قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدية اليهود لما أهدوه الشاة التي وضعوا فيها السم، ووردت أحاديث بمنع أخذ الهدية منهم، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا لا نقبل زبد المشركين) وزبد المشركين: هو عطاؤهم وهداياهم، فكيف جمع العلماء بين هذه الأحاديث؟ قال بعضهم: إن أحاديث المنع ناسخة، والأخذ منسوخة.
وقال بعضهم: أحاديث الأخذ ناسخة، وأحاديث المنع منسوخة.
وقال بعضهم: إنه إذا أُهدي إليه عليه الصلاة والسلام خاصةً لا يقبل، وفيما أهدي للمسلمين يقبل، لكن هذا فيه نظر، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قد أُهدي هدايا خاصة، فقد أهداه المقوقس ملك الإسكندرية بغلة ومارية القبطية له خاصة، فهذا قد لا يكون جواباً صحيحاً أو راجحاً.
وقال بعض العلماء: إذا كان الذي أهداه قصد الموالاة فيردها، وإذا كان الذي أهداه يُرجى بقبول هديته تأليفه إلى الإسلام وتأنيسه فيأخذها، وهذا جمعٌ جيد.
وقال بعضهم: إن كانت من أهل الكتاب قبلها، وإن كانت من أهل الأوثان لم يقبلها، وقال بعضهم: إن كانت من المحاربين لم يقبلها وإن كانت من غير المحاربين قبلها، فلعل الراجح إن كانت من غير المحاربين ومن غير أهل الأوثان من أهل الكتاب، الذين يراد بقبول هديتهم تأليفهم، فيقبل وإلا فلا.