وكذلك فإن من الآداب: أن الإنسان إذا دخل المسجد وجماعة تصلي، فلا يقف بدون صلاة، فبعض الناس إذا دخل المسجد والإمام في السجود وقف في الصف بدون صلاة، فيفوت الأجر، بل يدخل مع الإمام ولو لم تعد ركعة، أليس إذا سجدت تؤجر على السجود ووضع الجبهة على الأرض لله رب العالمين؟ ألست تؤجر على تسبيح السجود؟! ألست تؤجر على دعاء السجود؟! إذاً: لماذا تضيع هذه الفرصة؟! وقوله عليه الصلاة والسلام: (فما أدركتم فصلوا) يدل على أنك تدخل مع الإمام في أي مكان كان فيه الإمام: (فما أدركتم فصلوا) أدركت سجدة، ركعة، ركوعاً، رفعاً من الركوع، جلسة بين السجدتين: (فما أدركتم فصلوا)، ولذلك قال ابن حجر رحمه الله في شرحه: واستدل به على استحباب الدخول مع الإمام في أي حال وجد عليها.
وعن معاذ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام) رواه الترمذي، وذكره الألباني في صحيح سنن الترمذي، وفي السلسلة الصحيحة وبهذا أخذ من رأى أن المأموم إذا جاء في التشهد الأخير يدخل مع الإمام؛ لأن عموم الحديث يقتضي هذا.
يا شيخ! إذا كنا داخلين جماعة، وصلينا جماعة ثانية؛ لأننا نعرف أن الإمام في التشهد الأخير؟
صلى الله عليه وسلم ما أدراك أن أجر الدخول مع الإمام في التشهد الأخير أكثر من الجماعة الثانية؟ لأن أجر الجماعة الثانية ليست مثل الأولى إطلاقاً، فيمكن يكون الامتثال لحديثه عليه الصلاة والسلام بالدخول مع الإمام في أي موضع، أكثر من الجماعة الثانية.
وعلى أية حال، هذه مسألة اجتهاد كما ذكر شيخ الإسلام رحمه الله، فلو أنه انتظر لا ينكر عليه، لا يقال: ارتكبت حراماً، ولكن حتى الذي انتظر، لا يشرع له أن يحدث جماعة قبل أن يسلم الإمام، لئلا يكون هناك جماعة ثانية في المسجد في الوقت نفسه، وهذا لا شك أن فيه شق للمسلمين وتفريق، وهذا أمر مذموم شرعاً.
إذا كان الإمام قائماً أو راكعاً أو ساجداً أو في الجلسة يبن السجدتين، أو في التشهد، فليدخل معه على الحال التي هو عليها، فإن اجتهد وكان معه أناس كثيرون وفيهم أناس من أهل الفضل، وجاء في التشهد الأخير فانتظروا إلى أن يسلم الإمام فصلوا فلا بأس عليهم.