ولا بأس أن الإنسان في الحوار يطلب الإنظار وعدم الاستعجال، فإن بعض الأطراف إذا أراد أن يحاورك قطع عليك، فتقول: انتظر حتى أتم كلامي.
ولما اختصم علي والعباس إلى عمر رضي الله عن الجميع جاءا في قضية الميراث فقال عمر: اتئدا! أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا نورث معاشر الأنبياء، ما تركنا صدقة)؟ فأوقفهما.
لما جاء رجل إلى ابن عمر قال: أرأيت الركعتين قبل صلاة الغداة هل أطيل فيهما القراءة؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى يوتر بركعة، قال السائل: إني لست عن هذا أسألك؟ فقال ابن عمر: إنك لضخم -أي: وصفه بوصفٍ فيه إشارة إلى شيءٍ من الغباء- إنك لضخم، ألا تدعني أستقرئ لك الحديث؟ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة ويصلي ركعتين قبل الغداة) فقاطع السائل ابن عمر قبل أن يجيبه، وهذا نلاحظه كثيراً في أسئلة العلماء، إن بعض السائلين يسأل العالم، وقبل أن يتم العالم كلامه يدخل السائل مرةً أخرى في مسألة ثانية، ولذلك تجد العالم من أولي الخبرة في الإفتاء يتكلم، ثم إذا انتهى كلامه قال: نعم.
يعني: انتهى كلامي، وإذا عندك شيء آخر فائت به، ونحو ذلك من الألفاظ الدالة على أن الكلام انتهى، فمن حسن الأدب مع العالم أنك إذا دخلت معه في حوار أو نقاش أو مساءلات ألا تقطع الكلام عليه، وتنتظر حتى يقول: نعم.
فإذا شككت هل هو أنهى كلامه أم لا فاصبر ولا تعجل، والإنسان خلق عجولاً، ولذلك كثيراً ما يقع السائل في مزالق بسبب عجلته، وتفوته بذلك فوائد، وربما أن الشيخ طفش منه ولم يسمح له بمزيد من الأسئلة بسبب مداخلاته ومقاطعته المستمرة.