صفحة - د -
هذا وأني لأرجو بواسطة هذه السلسلة، وأختها الأخرى " الأحاديث الصحيحة " أن أكون من المشاركين في القيام بواجب " التصفية " التي كنت تحدثت عنها في محاضرة كنت ألقيتها في " المعهد الشرعي " في (عَمان) سنة (1393) ، كان موضوعها: " التصفية والتربية " ذهبت فيها إلا أنه لا بُد اليوم من أجل استئناف الحياة الإسلامية من القيام بهذين الواجبين: " التصفية والتربية " وأردت بالأول منهما أموراً:
الأول: تصفية العقيدة الإسلامية مما هو غريب عنها، كالشرك، وجحد الصفات الإلهية وتأويلها، ورد الأحاديث الصحيحة لتعلقها بالعقيدة ونحوه!.
الثاني: تصفية الفقه الإسلامي من الاجتهادات الخاطئة المخالفة للكتاب والسنة، وضربت على ذلك بعض الأمثلة.
لثالث: تصفية كتب التفسير والفقه والرقائق وغيرها من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، والإسرائيليات المنكرة، وهذا ما أقوم به في هذه السلسلة، ونحوها، مثل " ضعيف أبي داود " و" ضعيف الجامع الصغير " وقد تم طبعه والحمد لله، و" ضعيف الترغيب والترهيب "، وسنباشر طبعه قريباً بإذن الله تعالى.
وأما الواجب الآخر، فأريد به تربية الجيل الناشئ على هذا الإسلام المصفى من كل ما ذكرنا تربية إسلامية صحيحة منذ نعومة أظفاره، دون أي تأثر بالتربية الغربية الكافرة.
ومما لا ريب فيه أن تحقيق هذين الواجبين يتطلب جهوداً جبارة متعاونة من الجماعات الإسلامية المخلصة، التي يهمها حقاً إقامة المجتمع الإسلامي المنشود، كل في مجاله واختصاصه. وأما بقاؤنا راضين عن أوضاعنا، متفاخرين بكثرة عددنا، متواكلين على فضل ربنا، أو خروج المهدي ونزول عيسى، صائحين بأن الإسلام دستورنا، جازمين بأننا سنقيم دولتنا، فذلك محال، بل وضلال، لمخالفته لسنة الله الكونية والشرعية معا، قال تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم) ، وقال – صلى الله عليه وسلم -: " إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً، لا ينزعه عنكم، حتى ترجعوا إلى دينكم " (?) من أجل ذلك فال أحد الدعاة الإسلاميين اليوم: " أقيموا دولة
الإسلام في قلوبكم، تقم لكم في أرضكم "، وهذا كلام جميل جداً، ولكن أجمل منه العمل به. (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) .
وبعد، فان هذه السلسلة وغيرها مما أشرت إليه آنفاً، تساعدك- أيها الأخ المسلم- إلى حد كبير على تصفية عقلك وعقيدتك من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وبذلك تستعد نفسك لتقبل ما يلقى إليك من الأحاديث الأخرى الصحيحة، وإحلالها من قلبك المحل