به، وإنّما للاستشهادِ"، حكاه ابن الصّلاحِ في "المقدمة" (ص 75-76-الحلبيّة) ثم ردّه، وبيّن ذاك الحافظُ ابن حجر في "نكته عليه" فقال (2/601) :
" قلت: لم يصب هذا المغربيُّ في التسويةِ بين قولِه: "قال فلان" وبين قولِه:
"قال لي فلان"، فإنَّ الفرقَ بينهما ظاهرٌ لا يحتاجُ إِلى دليل، فإنَّ " قال لي " مثلُ التصريحِ في السماعِ، و" قال " المجرّدة ليست صريحةً أَصلاً ".
ثمَّ أَفادَ -رحمه الله- فائدةً تقصمُ ظهرَ هذا الملبّسِ فقال:
"فقد رأيتُ في " الصحيح " عدّةَ أحاديث قال فيها: "قال لنا فلان"، وأَوردها في تصانيفِه خارج "الجامع" بلفظ " حدّثنا "، ووجدتُ في " الصحيح " عكسَ ذلك، وفيه دليلٌ على أنّهما مترادفان ".
2- قوله: "والأَرجحُ أنّه تعليقٌ أيضًا".
فأقولُ: فيه تلبيسٌ ظاهرٌ، فقد عرفتَ أنّه لا خلافَ هناك، وبالتالي فليس ثمّةَ راجحٌ ومرجوحٌ، وعلى افتراضِ وجودِه، فيكونُ الأَرجحَ لديه، فكانَ عليه أَن يقيِّدَه فيقول: والأَرجحُ عندي، وهو لو قالَ ذلك يكون مبطلاً مسيئًا إِلى الإِمامِ البخاريِّ؛ لأنّه يكونُ قد نسبَ إِليه ما لا يجوزُ من القولِ، كما هو ظاهرٌ لا يحتاجُ إِلى دليلٍ، فإِن أَبيتَ، نسبتُها إِليك أنّك تجوّزُ لنفسِك أَن تقولَ: "قال لي فلان" وأَنتَ تعني أنّه ما قالَ لك؟!
وقد يكونُ فى قوله المتقدّمِ: "والأَرجح أنّه تعليقٌ أيضًا" تلبيسٌ آخرُ، وهو أنّه لا يعني ظاهرَه! وإنّما بتقديرِ مضافٍ محذوفٍ، أَي: في حكمِ التعليق، أَي: كما قال ذاك المغربيُّ، فإِن كانَ هذا مرادَه، فلم التلبيسُ؟ إِلاّ أنَّ مرادَه باطلٌ أيضًا كما تقدّمَ.