وفي رواية: "كنَّا نُخرِجُ -إِذْ كان فينا رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم -) - زكاةَ الفطرٍ عن كل صغيرٍ وكبيرٍ، حُز أو مملوكٍ؛ صاعًا من طعام، أو صاعًا من أقِطٍ، أو صاعًا من شعيرٍ، أو صاعًا من تمرٍ، أو صاعاً من زبيب؛ فلم نَزَلْ نخرجهُ حتى قدِمَ علينا معاويةُ بن أبي سفيان حاجًا، أو معتمرًا، فكلَّم الناسَ على المنبرِ، فكان فيما كلَّمَ به الناسَ، أن قال: "إني أرى أن مُدَّينِ من سَمراءِ الشامِ تَعْدِلُ صاعًا من تمرٍ"؛ فأخذ الناسُ بذلك.
قال أبو سعيد: "فأما أنا فلا أزالُ أخرجُه كما كنتُ أخرجُه؛ أبدًا ما عِشْتُ".
الرواية الأولى: أخرجها البخاري (1506)، ومسلم (985/ 17).
والرواية الثانية: للبخاري (1508).
الثالثة: لمسلم (985/ 18).
والأثر أخرجه: أبو داود (1616)، والترمذي (673)، والنسائي في "المجتبى" (5/ 52) أو رقم (2511 - 2517)، وفي "الكبرى" (2/ 27/ رقم: 2291، 2292)، وابن ماجه (1829) وغيرهم.
من طرق؛ عن زيد بن أسلم، عن عِياض بن عبد الله، عن أبي سعيد به.
فقه الأثر:
قوله: "سمراء الشام": المقصود به الحِنطة، كما في رواية للإمام مسلم (985/ 21): "أن معاوية لما جعل نصف الصاع من الحنطة عَدْلَ صاعِ من تمرِ، أنكر ذلك أبو سعيد، وقال: لا أُخرجُ إلا الذي كنتُ أخرجُ في عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من زبيبٍ، أو صاعًا من شعيرٍ، أو صاعًا من أقِطٍ".
قال النووي: "تمسَّك بقول معاوية من قال بالمدين من الحنطة؛ وفيه نظر! لأنه فعل صحابي قد خالفه فيه أبو سعيد وغيره من الصحابة ممن هو أطول صحبة منه، وأعلم بحال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد صرَّح معاويةُ بأنه رأي رآه، لا أنه سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -.